[center]تخرج من وسط الدار تشد الباب الكبير وراءها بيدها اليمنى فى اطاره تمسك بالعصفوره تديرها حتى تصبح خلف الباب يتساوى الباب الذى نخر خشبه السوس والجدار الذى تساقط خرج منه الطين واصبحت الرياح تاكل قوالب الطوب التى ظهرت واضحه يمكنها ان تراها قالبا قالباَ وفى كل يوم تقرر ان تضع طينا مكان الذى تساقط بين قوالب الطوب وبعضها ولكنها تؤجل ذلك الامر الى اليوم التالى وعندما ياتى ذلك اليوم تشعر انها متعبه وان حيلها مهدود وانها لا تستطيع ان تصلب طولها ابدا ~
تخرج المفتاح من جيبها وتقفل الباب بيدها بكل عزم وقوه فيها حتى تتاكد انه تم اغلاقه قبل ان تسير مبتعده عن البيت تقول لنفسها وهى تسير ان اولاد الحرام ما سبوش لاولاد الحلال من شيئا~
البيت فى حاره مثل الخندق والابواب مثل الشقوق على الجانبين تفتح الابواب فتتسع الشقوق ولكن بعد اغلاقها يبقى الشق كما هو~
شعرت بسخونه الارض نظرت فى الطريق امامها كان خاليا من الاشجار والشمش تصب نارها على الارض وبيعت لتاجر اخشاب وعندما ترحم الناس على مساحات الظل قال من باعوها انهم سيزرعون مكانها اشجارا سرعان ما تفرش مساحات جديده من الظل اكثر من المساحات الاولى ظل بكر بدلا من الظل الهرم العجوز الذى كان موجودا من قبل ما ترحمت على ابيها وايامه الجميله التى لم تعود ابدا كان يقول ان زراعه الظل فى الغيطان اهم من زراعه القمح والقطن والبرسيم~
تقول لابنها هل انت مسافر الان
يسمع سؤال امه تنطبق شفتاها على استفهام جارح يقف امامها يتطلع لها فى صمت يرفع يده ان يلوح بها دليل الموافقه تقف يده المرفوعه فى منتصف المسافه بينهما ترف الكلمات على الشفاه كالطير الحبيس يكويه الحنين يشعر بعطش حارق فى الارتواء فى وضع راسه المتعبه الصدر الجاسف الذى يواجهه من الان وحتى نهايه العالم انتهت الاجازه اخيرا خمسه ايام بلياليهما تبدو له كحلم وكغمضه عين~
حاول ان يبدد وحشه الصمت ان شاء الله مسافر يا امى الان
لم يجد غير هذه الكلمات فى خاطره وفى لحظات الوداع يوجد دوما بين اثنين يفترقان بعد البعاد شلال من الكلمات التى لا تنتهى ابدا لا يفهمها شخص ثالث ولا تقال هذه الكلمات الا فى اللحظات الاخيره غير ان الصمت لم يتكلم ابدا بدا له ان الصمت هو بر الامان الوحيد فصمت~
امه تقف امامه الوجه غابه من التجاعيد العينان نقطتان غائرتان فوق الخدود تنظران له نظره ذات تفوق خاص ولم تكد تعرف ما التى مخبئاه له تلك الغربه البعيده انه يشعر ان هذه النظره قد انجزت كل الامور الخاصه به معهما ومن خلف امه تبدو لعينيه مكونات بيت ريفى قديم تفوح منه رائحه الخوص والحاجه والده واخوته فى الحقل بعيد وهو مسافر الان ولحظات الفراق الذى مذاقه صعب على اللسان تلك هى نهايه قصتنا
سافر الولد والحزن فى عيناى كل من امه واخوته وابيه الرجل المسن العجوز التى لم يتجاوز سن اكبر اخوته فى البنات الخامسه عشر لكى يبعت لامه وابيه شيئا من الكسوه ومن المال ولكن عسى ان سافر وعمل فى مشغل وعجب صاحب العمل عمله كثيرا وكثيرا ولكن يوجد فى كل مكان من اولاد السوء من يبعثرون عليك حريتك فكان منهم ان وقعو بينه وبين صاحب العمل ليتم طرده وعندما يريد ماله الذى كسبه من عرقه قال له لا يوجد لك عندى من مال وطرده والحقد فى عينى تلك الشاب الذى اتى من الريف لكى يعمل فى الخارج
فكتان منه ان اتى ليلا لينقض على تلك الرجل واعوانه وقتل الرجل ومن ثم تم القبض عليه
اه يا بلد اه يا بلد
القوى فيكى بيتعبد
والضعيف فيكى بينجلد
اه يا بلد